إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 28 سبتمبر 2012

     نتوه , نتغرّب , وربمــــــــــا نهرب   عما يجعلنا   نجلس في بقعة ضيقه  لا تُناسبنا  ,  ونجد أنفسنا  في أقرب  الأشياء لنا الا أننا نطمح بالابتعاد  حتى نعود بايمان منا  على أن ما نبحث عنه كان يوماً في أيدينا  .










                       تذكر  أن  تقرأ  روايتي  وفق  تسلسل الارقام .
                                  ألتقيكم في روايه  جديدة ...
                                        بقلمي ..
                                    فارسه  بلا جواد.
70

أخذت كلمة شاديه الأخيرة تصدح في بال  حسين وتقويه  وتغذيه   نشاطاً  وفرحاً (  على طريقة الباديه )  , هكذا جاء  في المساء  ويبدو أن حسين استعجل   ولكنه  قال في نفسه :
-  لن أضيع مزيداً من الوقت .
وتقدّم  الى شاديه يطلب يدها  وعلى طريقة أهل الباديه مثلما هي طلبت  وهو لم تطلب بقدر ما تذكره  بأن الأصول  والعادات والتقاليد مقدسه  الى حدتتمنى فيه الموت على أن تتخطاها.
الا  أن شاديه كانت مختبئه  في غرفتها   وتكاد تصرخ من قهرها  ( لما ذا يخفضون أصواتهم!  الى هذا الحد) ,  ولكنها سمعت كلمة حسين وهو يقول:
- أريد الزواج  بشاديه ولكن بشر ط واحد  .... وعيناه ناحية غرفتها ويعلم أنها تتسمع لحديثه مع أبيها , اغتاظت شاديه  ووضعت يداها على خصرها وهمّت بالخروج وصفعه صفعه  أخرى الا أنها تمالكت نفسها وقالت :
- يا له من لئيم !
قال أباها  :
- وما هو الشرط .
- أن تكمل شاديه تعليمها  في  الجامعه .... قالها وهو  تقريباً يصرخ  حتى تسمع هي .
ضحك الأب وسمح  لشاديه  أن تخرج لترد عليه  فقالت في عناد:
- لن أكمل تعليمي  ...
- وأن لن أقبل  بكِ زوجة لي .....  قالها في عناد.

ضحك الأب مرة أخرى وقال  :
-  كفاكما مراوغه   ....  
- أستكملين  تعليمك  ؟
- نعم ..سأكمل  وبشرط..
وما هو عزيزتي؟
- أن  أشاركك العمل في الأرض..
- بالطبع  ,  فأنتِ عليك بحراثة  الأرض فقد رأيتُ   كم كنت ماهرة  .
- ههههه   , علمني أبي  .

وضحك الجميع وتعالت الزغاريد في الباديه الجميله  , التى بدت أروع من ذي قبل  وأعلن زفاف  المختار  أقصد المختار حسين   , وحفل الجميع بفرحة غامرة .

وبدأ ذبح النعاج وتوزيعها  وشهد أن هذا عيد  جديد   تتعرض له البادية التى لطالما تعبت من مصائبها وجنون الظلم فيها .

مع مرور الوقت ,  انتشرت  تعليم الفتيات  في الجامعه الا أن بعض الأهالي اعترضوا على ذلك فاكتفى المختار قائلاً :
- كل رجل  مسؤول عن ابنته  أي لا يتم  تعليم الفتاة الا بموافقة أبوها أو ولي الأمر  .
وراجت  تجارته هناك بالمدينه وأكملت شاديه  تعليمها وكانت تلتقي كثيراً بأمها  التى بقيت وحيدة بعد  وفاة والديها   ولكنها على أي حال  لها ابنة تزورها من وقت لآخر.

هكذا هي الباديه تحتفظ  بعاداتها بتقاليها  , وبأصول تعودت على ارتدائها الا أن  الحلو دوماً لا يكتمل   فقد كان ينقصها الكثير من الوعي وأن تضع جديداً لا يعني أن تُلغي قديماً .

أغلقت روايتي  بابها  على قصة قد تكون معقوله  أن تحدث واقعياً الا أن  هناك ما يفوقها خطورة   وتجنبت الحديث عن بعضها  ,  وليس أهم  من ذلك سوى أنني ابنة الباديه ولي الفخر  .

الخميس، 27 سبتمبر 2012

69

- أكلمي ..
- لا لا شيء ... انتبهت على نفسها فجأة ما الذي تقوله  وكأنه تبلغه  شيئاً خفياً وهي لا تريد أن تأتي مثل تلك الأمور هكذا...
الا أنه قال:
-  ترى ما الذي جعلك تعودين الى الباديه ؟
وتحسست مدى لؤمه في معرفة الحقيقه ولكنها قالت:
- أرضي نادت علي.
- ههههه
- لما تضحك ؟ أتسخر  مني؟!
- ما عاذ الله صغيرتي  .
وردت عليه بعناد :
- لستُ صغيرة يا مختار .
- لا تقوليها ...
- ما هي ..
- كلمة مختار ..
- صحيح  فأنت مختار على الباديه كلها الا أنا  فأنا مختارة نفسي .
قهقه  لسماعه ما تقول وقال:
-  كم تبدين  جميله  وأنت بكامل عصبيتك.
- لستُ عصبيه  .
- بل مجنونه .
- كفاك هراء .
- أتحبينني ؟
فصمتت   وهو يواصل نظراته اليها واعتلت وجنتيها احمراراً ينافس روعة احمرار  البندوره فقال لها :
- أراكِ  مثل بندورة في حقلي .
اغتاظت أكثر وقالت:
- لا أحبك ...
- قوليها وأنت تنظرين الي ...
فعلمت أنه يواصل استفزازها فهو متأكد  من احساسها  فسر عودتها الى الباديه دليل ادانتها في حبه .
همّت بالمغادرة  فأمسك ذراعها بقوة  وحاول  الاقتراب منها أكثر  ولكنها استطاعت التملص منه  قائله :
- نعم أحبك ولكن ليس بتلك الطريقة .
- بأي طريقه  صغيرتي  ؟
- لستُ صغيرة   , طبعا أقصد بطريقة باديتي ابن عمي .
وهربت  وكم تمنّت لو تطير حتى لا يستطيع اللحاق بها  الا انه لم يلحقها   فاستند الى جذع شجرة  قائلاً :
- هذا ما انتظرته   .....
فابن عمي  بلغة الباديه تعني  زوجي لمن لا يعرفون .



68

وفي الناحية الشرقيه  هلت التباشير  المغمورة بالفرح  والفرج والحريه تُعلن مختاراً جديداً للباديه  وبهذه السرعة لا تسألوني   فالمسأله في عُجاله  أن  من لا  يملك كبيراً   نهايته وخيمه   وهكذا اعتادت الباديه   أنها دوماً بكبير وهذه المرّة كبير حقيقي  ومنصف  .

من هذا المختار ؟  ......حسين ومن يكون سواااه   خرج لتوه من ظلام السجن الى   استلام   المخترة وتنصيبه صاحب القدوة الحسنه .
ارتاحت شاديه وتنفست الصعداء  ...
بعد مرور  الأيام لم تكن هناك فرصة  مواتيه   ليقابل حسين شاديه    , فهمت شاديه لسداد دينها   فاتجهت رأساً   ولم يهمها  وجهاء الباديه وكلام أهلها  سوى أن تفعل شيئاً مهماً :
-  أتسمح لي...

نظر الجميع اليها  من تلك التى اقتحمت المكان عليهم ...
-  هلا , تفضلي ...
- أيها المختار  جئت وأمام  وجهاء الباديه  لسداد ديني   اليك ...
- دين؟!
استغرب كثيراً من أسلوبها الرسمي الذي لم   يراه قبلاً ولم يكن بينهما  مثل هذه اللهجه   فقالت:
- أشكرك  لأنك ساعدتني وسامحنى   على تأخري في شكرك.

وغادرت سريعاً قبل أن تفقد جرأتها أمامه ..اغتاظ منها   فبلمح البصر أتت  وهربت سريعاً ولم تعطه الفرصه ليرد عليها  اضافه  الى انها احرجته  قليلاً  ولكنه  فهم أن ذلك نوع من العتاب لأنه  لم يكلمها منذ أن أصبح مختاراً وربما ظنّت أنه تغيّر   عليها  .

جلست بالقرب من بحيرة وأخذت تتأمل وجهها  وانعكاسه في الماء وجاء وجهه يمحو وجهها  فوقفت سريعاً  والتفتت  اليه فجأة ودون درايه منها   صفعته على وجهه   صفعة قويه.
نظر اليها باستنكار   وكأنه يقول عاتبتني وفعلتِ  ,  فلما الصفعه .
فالتفتت  وأعطته ظهرها  فمسك يدها بقوّة قائلاً:
- لما صفعتني ؟؟
- لأنك تُطاردني  كالشبح   ..
- أنا؟!
- نعم ومن غيرك  ؟
- أين ؟
- هناك في المدينه   رائحتك القوية تلك  لم  ترحمني  حتى جعلتني......وصمتت فجأة.
67

في الوقت هذا تذكرت أمها كيف رفضت الباديه بكل ما لها من قوة وفضلت الابتعاد عنهما على  أن  تأتي الى الباديه ...فقالت:
- أأمي على حق؟؟
سارعها قائلاً:
- لا لا انها على خطأ  ولا تذكري اسمها أمامي ..
- أتحبها ؟
- نعم , ولكنها لم تحبني  ..
- وكيف لك أن تعرف ..
- لأن من يحب يتحمل يا ابنتي ...وصمت  يتأمل  ويفكر.
كانت تلك الكلمات القليله صدى صحوة ضمير ولكنه لم يخطأ وأخفى عن ابنته أنه طلق أمها  مراعاة لشعورها   فمرضه  هذا لم يكن له علاقه بالباديه  وانما بصدمة تلقاها من أمه  التى أهملت كل مشاعره.

وأتى يوماً  آخر  وسُمع خبر لم يُصدقه  أهل الباديه  وان   كانوا بكامل عقولهم  , فقد هااااج   الوادي  بمياهه  الملوثه   وأغرق بيت واحد فقط بجميع من فيه  دون المساس  بأي بيت يجاوره وكان هذا البيت   هو بيت المختار وبالأصح   بيت الطاغيه  .

وأعلن أحدهم صارخاً  اليوم عااااد حقي,  اليوم عاااد حقي ...سألوه وكيف هذا ؟
قال:
-  كل مساء من ساعة مغرب  أدعو الله  أن يأتيني بحقي وها هو أتى .

وكان يقصد هذا  الرجل المسن  أن المختار  حرمه  بيته وأهله  واستولى على أملاكه  دون أي وجه حق واتهمه  بالجنون فحين رأى  الناس  ما حدث صرخ أحدهم بمليء فااااااه:
-  الباديه انتقمت لنا جميعاً وعلى طريقتها الخاصه .
لي وقفه هنا بعدستي  ومن وراء الكواليس كان يداً بيد   من الممكن  الخلاص من هذا المختار الظالم   فلما لم يلجأ أحدهم الى ابتداع هذه الفكرة ؟؟!بل وتنفيذها .

الامر ببساطه  كان يكمن بحجم الخوف الذي يسكن قوبهم  في تكرر  أكثر من حادثة  لمن يبادر بالمطالبه بحقه يهان , أو يُسجن أو يُنفى .
66

فأسرعت هي وحسين  جالبان الطبيب الى أباها وبدا أباها بالفعل  في حالى يُرثى لها ,  ظن الطبيب  أن حسين ابنه  فاصطحبه معه للخارج  وقال:
- لابد من نقله الى المستشفى وعلى وجه السرعه .
وتوجب  على شاديه ترك العمل في أرضها  رغم وشوكها على تحقيق نجاح كبير  الا أن حسين  قال لها :
- لا تقلقي فقط رافقي أباكِ  واعتني به .
فأسرعت  شاديه تسارع الدقائق واللحظات  تسهر الليالي  وتتعب  في  جلب  ما يحتاجه اليها والدها  وأثناء ذلك  كا يعتني حسين بأرضها وضم غنمها الى غنمه سارحاً بها  , ولكن المختار لم يرق له بال  حتى قام  باعتقال  حسين وهذا مالم  يتوقعه أحد من الباديه أن يقوم به المختار  الا أن تخوّفات المختار  من أن يحذو أحدهم حذوه كنت أكبر من أي توقع آخر.

ومرّت شهور قليله   وحسين   يقضي لياليه  في الحبس والظلام  القاسي  , في حين تعافى أباها  وعادت هي الى العمل  من جديد  وفكّرت كيف لها  أن تساعده  فهي مدينه  له  بما فعل  وهي لا تنسى أن  تناست كل طموحاتها  من أجل طموها  الذي أسمته حسين .

ولكنها تساءلت  ان كان وضع كهذا لا يهز النخوة في رجال الباديه   ماذا  عساهم وكيف لهم أن يتحركوا   ...  وظل بالها مشغول   كيف تُساعده  في هذا الوقت   نادى عليها أباها  وقال :
- أبشري ابنتي  المحصول حقق  رواجاً عالياً  .
ادّعت أنها فرحة وسعيده  الا أنها قالت:
- حسين يا أبي  ..
قا لها :
- تقصدين ذاك  الرجل الفذ الشرقي الأصيل   ..
- نعم...  كيف نساعده .
- يا ابنتي لا تقلقي   عليه   ..
- لا بد لنا أن نتحرك أبي  ولو   بجزء من محاولة صغيرة للوقوف أمام هذا الطاغيه .
قال:
-  الباديه وحدها من ستعاقبه ابنتي  واذا هي لم تبادر بذلك  فهي تستحق أن تعيش في مستنقع الظلم هذا . 

الثلاثاء، 25 سبتمبر 2012

65

ولكن حسين أصر ألا يحترم  هذه العقوبه كونها ظلماً   بائن  وجوراً لا يقبله  أي حر عربي,  الا أن المختار حذره  وقال:
- سأنزل بك العقوبه اذا حاولت الاقتراب منهما  ولن  أرأف بك.
هذا تهديدا واضحاً لحسين ولكن حسين لا توقفه التهديدات  بل يحب  السباحة   حيث  لا تشتهي.

في صباح اليوم التالي لاحظ أن شاديه لا تترك أباها  وكم كانوا منظمين وأهل الباديه جميعهم وكأنهم لا  يرونهما  بلا رحمة ولا رأفه لما لأن أحدهم حاول تحقيق حلم لا تستطيع   الباديه  بناؤه  الا أنه  قرر أن يعود.
ماذنبهما  ربما  أن يمشوا على نصل السكين  كان ليكون مفرهم  ولكن أخذ يُلاحظهما  حسين   ولكن من بعيد وأعجبه ما تقوم  به شاديه ولكنه يأخذ  موقفاً من شاديه كونها لم تراعي شعوره حين غادرت الباديه وتركته حزيناً عليها  ,  وفي أكثر من مرة هم بمساعدتها ولكنه يوقف  نفسه الا أنه تفآجأ كيف تتدبر أمرها  ولكن  سمع أنها لجأت الى المختار   تريد طبيباً أباها الا أن المختار قاس القلب  لا يصدق أحدهم  ربما بعد فوات الأوان  ولكنها قال:
- أبي مريض .
وقال لها مستهزئاً...- تريدون التهرب من أشغالكم ....

اغتاظت وقالت:
- ان لم تصدق   فتعال بنفسك تأكد .
الا أنه قال:
-  لدي أشغالي المهمه .

فأخذت هي تصرخ  وتطرق الأبواب  ولا أحد ينقذها  والكل يخاف أن تنزل عقوبه   بسبب  مساعدتها  الا أنه هناك من مسك يدها وقال  :
-  أنا سأساعدك.

وااو  من هذا الذي سيغامر بنفسه ؟  ويتحدى المختار  ويلقى عقوبه  الطرد أو النفي أو السجن ؟!!
ليس هذا بل انه  شدّ على يديها بقوة وقال:
مشيراً الى المختار ...   هذا الظالم لا بد  له من عقوبه  ...أفيقوا يأ أهل الباديه الباديه في خطر.
نظرت اليه وكأن غيثاً أصابها فاذا به   صاحب العطر الرجولي واشتمت عطره بالفعل  الذي ملأ الأجواء فأسكرها ولكنها قالت:
- لا وقت لدينا ...
64

جلس في غرفته يحتار  أيفرح أم يحزن  ؟؟؟ وتُرى ما الذي يفعله المختار   ايزاء وجودهما ؟
وخطرت بباله فكرة أن يتصل على أحد رفاقه   ويلتقيه   ليفهم تفاصيل الموضوع.
فالتقى   به  عند المغيب وحيث اعتاد أن يجلس   ...  وسأله رفيقه   عن عمله هناك بالمدينه الا أنه أعطاه  جواباً سريعاً كونه  لا يريد الا جواباً شافياً عن سر وجود شاديه ولما هي هنا وقد بدت تلبس هنداماً  لا يليق بأنوثتها.
أضاف صديقه بعض التفاصيل التى كانت تنقصه   واغتاظ أكثر من موقف المختار ايزائهما فهذه  الباديه ملك للجميع وان تركها أخدهم  فمن حقهما أن يعود ا وقتما شاؤوا .
الا أن صديقه قال:
-  هذا  ان كان السبب الحقيقي .
وبدا كلامه غامضاً :
- ماذا تقصد ..
- أقصد... أن المختار  لا يريدهما  حتى يحصل  على أملاكهما  أو  يأخذ نصفهم  نظير ما يسميه اهمالاً.
اغتاظ حسين أكثر فتوجّه رأساً الى المختار  قائلاً وبصراخ:
- ما الذي تفعله بالباديه ؟؟
استغرب المختار منه كونه هذا أول وصول له ولم يراه من أٍبوع تقريباً فقال :
- أنسيت أن تلقي التحيه؟؟!
-نعم,  ولن ألقيه ...بدا حسين وقحاً ل يحترم  كبيراً   وخصوصاً ان كان المختار...
-  اصمت .. واحترم نفسك .
فقال: - لن أصمت ولن أ{ضخ لأوامرك هذه الباديه باديتي  أذهب وأجيء اليها وقتما وكيفما أشاء وهذا الحق ملك للجميع .
ولم ينتظر حسين جواباً ولا رداً  على كلامه   وغادر قبل أن يتفوه  المختار  بأي كلمة   واصفاً المختار وكأنه  فقد عقله  تحدث عن هذا في نفسه  وهو يحاول ألا يتلفظ بها.

اغتاظ المختار واحتار  ووجد أن يقوم بمصالحة حسين كون أهل الباديه اذا لاحظوا أن حسين يتصرف على شاكلته ربما قلدوووه  لأنهم يحبونه ويحترمونه  ويعلمون أنه يمتلك  عقلاً كبيراً ومفكراً, وربما فكر  في انقلاباً ضده ...
لحقه على بيته   وبدا وكأنه  يحاول أن يجد أعذاراً ولكنه  قال  :
- عليك بالاعتذار أولاً  حسين حتى نتناقش سوياً  عن هذا الأمر
لم تبدو الفكرة جميله  ولكن حسين اضطر  لذلك واعتذر , وأوصاه  أن يحترم عقابه   لشاديه وأباها  فهذا أمر وجب التنفيذ.
63

الغريب  في الأمر أن كلاهما لا يعلمان  بوجود  الآخر  فقد شغل فكرها  طوال الاسبوع الماضي لماذا لم أراه  أيعقل أنه يلتزم بما قاله المختار ؟!
ألهذه الدرجة سيطر المختار على عقولهم ؟!!   وأين الرحمه  التى تسكن القلوب؟!
وظنّت أنه يرضخ الى أوامر المختار ولكنها ... هذا هو السبب  الذي دفعها لأنه تنجح في  هذا التحدي فهي تدرك  أن أولئك الرجال لا يحبون سوى المرأة القويه .
كذلك هي تحب الباديه وفور دخولها في المدخل  اشتمت من هوائها الذي تخلل  روحها وأنعشها نشاط وعادت اليها ذكرياتها الجميله  فيها  فأدركت أنها بنت الباديه التى لا تقب الا بما ربتّه عليه  الباديه وأنها بالفعل  هي في مكانها الصحيح  وبيتها الحقيقي .
كذلك الأمر  حسين كان   هناك في المدينه  تشغل باله   جميلته شاديه   وكثيراً ما كان يراقب   خروج الفتيات   من الجامعه ودخولهن ولكن من بعيد   , حتى أوقفته احدى الفتيات وقالت  بجرأة:
- لا بد أنك تنتظر احداهن ..... فلما لا تدخل ....

لم يعرها اهتمامه  وفرّ هارباً قبل  أن تتمادى  بوقاحتها معه ,  ولكن  لم يعلم أحدهم  أن شاديه هناك في الباديه وبدا هذا الأمر   وكأن المختار خلفه  كون المختار لا يريد   من حسين الزواج بشاديه   فقد  أصبحت  بيده  نقطة ضدها  وسيمانع ذلك.

ولكن ايوم حين رآها  هرع مسرعاً  وكانت هي أول من رآها فور  وصوله  الى الباديه   فطرق الباديه بشده ففتحت أمه ترحب به وعانقها وقال:
- لما لم تعلموني أن شاديه هنا؟
صمتت   أمه وقالت  :
- سأحضر لك الغذاء ....ولكنه قاطعها معاتباً  :
- لا أريد وجاوبي على سؤالي...
- هذا المختار أمرنا جميعاً بذلك  وقالت : 
- ما الذي يهمك  هي  لا تريدك  ... ولكنه نظر اليها وقال:
- وأنا لا أريدكم جميعاً ...

فعلمت  أنمه أنها جرحته بكلامها  وحاولت مناداته الا أنه كان قد أغلق غرفته على نفسه .
62

الجميع أجزم على أنها لن تستطع كونها فتاة وكونها لأول  مرة تقدم على تلك الاعمال  ولكن حقيقة الأمر أن حرارة الارادة بداخلها هي من تحركها وليست قواها العضليه مثلما هم يتصورون.

   (  وبعد مرور أسبوع  )

م تحقق  نجاحاً هي وأبيها كونهما  يحتاجان الكثير من الأموال لاصلاح ما قام بتخريبه  الاهمال أثناء تواجدهما  في المدينه هناك ,  في الصباح اشتمت   شاديه   هواءً  نقياً   ولبست حذائها الذي ضحك  عليه الجميع وهي لا تبالي  وحملت جرارها فوق  كتفيها ولا أحد يهم بمساعدتهما  ولكنها  ذهبت مع أبيها ويبدو أنها صعبة الميراس  لتستسلم بتلك السهوله .
في الطريق تذكر أباها  أنه نسي  معطفة كونه مريضاً فهو بحاجته  ,  فعادت شاديه أدراجها نحو بيتهما وتناولت  معطف أباها على عجلة منها  , الا أنها  كانت من سرعتها ولأن لا يشغل تفكيرها الا أن أباها   قد  تتهور  صحته اذا هي تأخرت قليلاً  ,  اصدمت بأحدهم  وكانت تضع لثاماً يحجب بشرتها عن أشعة الشمس الحارقه  فسقط اللثام فكان حسين هو من أصدمت به   ,  فتح فاه من هول  ما رأي أجميلته  اليوم  تقف أمامه وهنا  في الباديه وهو  لا يدري!!1
الا أنها  صُدمت أكثر  ولكنها  قاطعت هذا الموقف    تستعجل نفسها  فلا وقت   للتفكير والانتظار أكثر.

تفآجأ حسين ولكنه لم يُنكر  أنه سعيد بل هو في قمة سعادته  كونها هنا بجانبه وقيبه منه  وهمّ بايقافها ولكنه أدرك أنها هي من عليها الاعتذار  فلم تودعه وقت غادرت الباديه   ولم تفكر بشأنه  وقت قررت ذلك فلا بد  من عقابها يحبها نعم  ولكن  عليها أن تتعلم دروس حسين الذي  ليس بالرجل الشرقي السهل .

وعادت الى أباها  تفظ أنفاسها بصعوبه أهو من الركض أم من شيء آخر ؟
تناوله  أباها وقال لها :-  شكراً يا ابنتي استريحي قليلاً ...  لنكمل عملنا .
وكانت شاردة الذهن ما الذي حدث تواً  ولما في هذا الوقت  بالتحديد  وما هذه السرعة الكبيرة واللمحة الخاطفه  .
61

علم المختار  بقدوم شاديه وأباها الى الباديه  ولم يبدي أي ترحيب  سوى أنه كان قاسياً  واستدعاه في عُجاله من أمه قائلاً :
- عليك بترتيب شؤونك في الباديع بمفردك أنت وابنتك  .....حينها سأقرر  بقاؤكما  هنا في الباديه .
وبحكم منصبه يستطيع المختار بالفعل  طردهما فعلم أباها  أنه ليس مرغوب به  لا هو ولا ابنته  وبدى جميع  من في الباديه يتجنبوهم  ويتجاهلوهم  وكأنهم غرباء حقيقيين .

وعزم الأب  أن  يبدي  كل ما باستطاعته حتى يعيد  كيانه  الذي كان هنا في الباديه فلطالما  احترموه أهلها  وشهد الجميع برجولته  ونخوته  وعُرف  عنه صاحب  القلب الطيب  ووازى  ارادته القويه  ارادة فتاة  طموحه  تخلّت عن كل طموحها  لأجل   طموح واحد جعلته كل طموحاته   وأكدت الأيام الفائته  صحة ذلك .
أعجب الأ[ بابنته شاديه على ما تبديه  من عزيمه وقوة  التي جعلت من نفسها بنت الباديه التى توازي كفاح أي صاحب أرض  والتى ارتدت  حذاء   طويل  القامة   حتى تقوم بفلاحة أرضهما البور  وتعيد النبض فيه   , فقد  قامت  بدور الرجال في الوقت الذي  تخلى الجميع عن مساعدتهما حيث تم  تعميم أن لا أحد يساعدهما ولا يقترب ليتحدث اليهما   والا  سينال عقاباً نتائجه وخيمه.

وبدا في تلك اللحظات  وكأن المختا يستعرض  عضلاته  الأمر الذي أغظ  شاديه  وهي تُلاحظ مرض أبيها   حتى أنه ولد بداخلها لتتحدى المختار  نفسه  فبما  أنه  أراد منهما أن  يعتنيا بأرضهما  ويحققا  موسما  رائعاً هذه السنه فسيتم العفو  عنهما  والمختار متأكد من كونهما لا يستطيعان  .
الا أن المفآجأة أشاديه قامت بدوها دون كلل أو ملل   في مليء الجرار  وسقي الأرض بل وحرثها   في البدايه لم تستطيع  ولكنها كانت ترافق أبيها لتتعلم منه أكثر حتى تواصل هي .

الأحد، 23 سبتمبر 2012

60

غضبت أمها أشد الغضب وقالت:
- أمجنونة أنتِ؟!
 الا أن زوجها تصدى  لها هذه المرة وقال:
- لا مزيد من الجدال ...أذاهبه معنا الى الباديه ؟
قالت بكل عناد : - بالطبع لا...
الا أن شاديه لم يعجبها الأمر:
- أمي...
قالت تسارعها في الكلام:
- انسي أن لكِ أماً.

لم تشعر شاديه بالسعادة كونها  ستترك  أمها في المدينه وتذهب هي وأباها الى الباديه   فحاولت معها أكثر مرة  الا أنها عنيدة لا تقوى عن التنازل من أجل ابنتها  .

في الصباح الباكر  غادرت  شاديه مع أباها   تاركين أمها في المدينه  عادت  شاديه  الى الباديه بعد مرور سنة كامله لم تحقق نجاحاً بعيداً عنها  في هذا اليوم بالذات وصل  حسين الى المدينه يدير أعماله   هناك..
ويذكر أنه مر من أمام جامعتها  وحاول أن يدخل ليراها  ولو من بعيد  ولكنه تذكر  كلمة صاحبه  الغريب :
- ان عادت من تلقاء نفسها اليك   فهي تستحقك.

فعاااد  أدراجه يتابع أعماله   هنا في المدينه وهو لا يدري أنها في الباديه  التى تحمل أحلامهما سوياً وأبداً.
وبالنظر الى عودة شاديهوأباها الى الباديه كان  يتعين  على المختار انزال قسوته بهما كونهما  تركا الباديه  وأملاكهما اهمالاً  سنه كامله  واليوم  موعد عقابهما بما أنهما قررا  العيش هنا   فلا بد من ضريبه ومعتبرة.
59
بدت شاديه قويه أما تنفيذ ما تمليه عليها الطبيبه  وفجأة صرخت :
حسيـــــــــــــــــن !
قالت لها الطبيبه لا تفتحي عيناك بسرعه  ببط ء شديد  بعد العد الى الثلاثه بالفعل  وحين فتحت عيناها  دار حوار بينها وبين الطبيبه  فكان كل ما في الأمر  أن حسين  هو سبب بلوتها  ههههه .

وحين  حدثتها عن حسين وقصتها معه  قالت :
-  هنيئاً لكِ شاديه  ...عليكِ  الباقي يا شجاعه .
ابتسمت شاديه لها  وابتسمت هي  وغادرت شاديه مصدومه تقول في نفسها ( الهذه الدرجه أحببته أم هو أحبني )
ولكنها قالت جمله طريفه  ( يا له  من لئيم  لم يتركني  في الباديه  حتى يلحقني  في المدينه )

ولكنها لا تنكر أنها أحبت تلك الحاله  بالرغم من معاناتها  فيها الا أنها  قررت  وضمرت فكرة العودة  الى الباديه  حق  أملكه  سأعود  لأصفع ذلك المجنون  واليوم ستتحدى شاديه أمها  وتترك طموحها في الجامعه  بعد  أن تأكدت  أن روحها  الحقيقي   تعيش  هناك في الباديه  وعن أصلي يابا  والله ما بأتخلى .
ظل أباها  يتابع أخبارها منها ومن  الأطباء  ولكن شاديه  تكتمت على أن السبب  حسين وقال بدون دوران ولا اضاعة مزيد  من الوقت هنا في المدينه :
- أريد العودة  الى الباديه أبي وأعلم أنك تريد.
تفآجأ أباها  وفرح كثيراً ولكنه  قال :
- وطموحك ؟!!!
- طموحي هناك .
-أمتأكدة ؟
- نعم,  أبي متأكدة 
- ولا رجوع الى المدينه .
- لا رجوع الى المدينه .
58
استغربت شاديه   من ردّة فعل أبيها  رغم عقليته   أصلها من الباديه  ولكنه بدا متفهماً جداً  كونه لا يهمه سوى صحة ابنته  وعافيتها نظرة اليه نظرة  امتنان  وربت هو على كتفها  وقال :
- اطمئني لن نخبر أمك بهذا .

ضحكت شاديه  كون أباها يعرف كيف تفكر أمها فهي لا تهتم   الا لكلام الناس وتبحث عما تعتقده أفضل  فهي اليوم مغتاظه من أختها  كيف تزوج ابنها  من فتاة غير ابنتها  وشاديه لا يعنيها الأمر .

وبعد  أسابيع أخرى تحدد  لها موعد لمجالسه طبيبه نفسيه  عدة جلسات  ولكن  من الجلسه الأولى حين قالت لها شاديه  ما يحدث معها  وأن هذا تطور مع الوقت  وأصبحت  ترى كوابيساً  غير مفهومه لأماكن معين ويتكرر  معها هذا الكابوس   قال الطبيبه :
- أتذكرين  هذه الأماكن جيداً؟
- نعم , أتذكر أني رأيتها  قبل  ذلك  ع  الطبيعه .
- حاولي تذكر تلك الأماكن   وليكن  هذا  الخيط الأول لكِ .
وأثناء تحدث الطبيبه لها  تذكرت شيئاً فقاطعتها قائله :
- تذكرتُ شيئاً لتوي...
- وما هو؟؟
- أني أرى وجهاً لرجل  ولكن  بسرعه  تختفي فلا أميزها .
- ممتاز  ...

وحددت معها جلسة أخرى وقالت:
- لا تقلقي  فالمفاتيح  أصبحت  بيدك.
لم تقتنع شاديه بما قالته الطبيبه  ولكنها على أي  حال وجدت جديداً آخر   لتحاول التركيز عليه وخفت الطبيبه  عيها كونها بلا مشكلة   ولم تخضعها للتنويم المغناطيسي  في أول جلسه لأنها ربما تتعرض لصدمة حقيقه هذه المرة .

تابعت الجلسات مع الطبيبه  وفي كل جلسه  كانت مجرد  دردشات وقال الطبيبه هذه المرة :
- عليكِ  مواجهة خوفك  ووضع حد لحالتك تلك .
- وكيف ذلك .
- جاهزة ...
- لما؟؟
-  أعطيكِ عدة أوامر وعليكِ  بتنفيذها .
- نعم , جاهزة .
- اغمضي عينيكِ ببط  وحاولي تذكّر تلك الرائحة وتلك الحاله  التى تمرين بها  وتلك الأماكن  وكوني معي على السمع .
هزت  شاديه  رأسها وحاولت القيام  بكل ما كانت تقوله الطبيبه .
57

هههه  وتبدو وكأنها معركة ضاريه في الوقت الذي قررت فيه  شاديه مواجهة خوفها   خاف  هذا العطر من أن يأتيها وكأنه يعلم  ما يدور بداخلها  ولكنها عزمت الا تستسلم   لمثل تلك الحاله .
ولم يبدو سهلاً عليها  فمع  مرور الأٍابيع رجعت تنتكس غرقة تحت رحمة تلك  الحالة  وما  أكد أنها ليست  بخير  هو تدنيها في درجاتها بالجامعه كيف يعقل هذا وهذا  خلم  تحدّت به  جميع من بالباديه  وكان لزاماً  عليها  أن تتركها  حتى تحقق ما أرادته   الأمر الذي جعلها تحزن كثيراً  ولكنها لا تبدو  قويه  بما يكفي  فاستدعى  هذا  تدخل من أبيها فقال:
- لا أراكِ  على ما يُرام ابنتي ؟
وهمّت من شدة قهرها  وتعبها  الشديد  أن تروي له  ما يحدث معها الا أنها  تمالكت  نفسها  كونها  لا تريد  ازعاج أبيها  الذي سيعلق على كونها مجنونه بالفعل , ولكن أباها بدا  متفهماً  فقال لها :
-  استرخي  يا ابنتي  فغداً  علينا بزيارة الطبيب  ووضع حد لما تمرين به الا أنها حاولت  الرفض ولكن أباها كان مصراً أكثر  وفي هذا الوقت  بالتحديد  سُمع  طرق بالباب , فاذا  به    دعوة زفاف  خالد تنتظرها في يد حاملها  ولم تكن  دعوة للفرح  بل انها صاعقه أثارت  غضبها واعتبرتها جرم في حقها وحق ابنتها  الا أن أباها قال :
- حمداً لله   فهذا  ما أردته  وأشار اليها  أن تهتم بابنتها أكثر  لأنها  بحاجة اليها أكثر من أي وقت مضى .

ومرّت أسابيع أخرى  انتظمت فيها  شاديه  بذهابها الى العيادة للخضوع للفحوصت الدوريه , ولم تزيد الأدويه عن كونها مهدئات ومسكنات  وأضاف الطبيب قائلاً :
- يلزمها علاج نفسي .

وهذا ما لا تريده شاديه  كونها  ستتردد هناك كثيراً  وهذه ليست  الا  شيء يشين الفتاة اذا ما أقبلت على الزواج مثلاً هكذا هي الفكة لدى العرب,ولكن أباها قال :
- لا عليكِ ابنتي وما العيب في ذلك ؟
56
وبالرغم  من اعتراض  المختار عما نوى حسين فعله  الا أن الأمر متعلق كلياً  بحسين  , ولأن حسين لا يريد اضاعة مزيد  من الوقت أجمع رفاقه  هذا المساء في بيته   ودعاهم الى العشاء عنده وشرح لهم الفكرة  , الذي أبدى الاغلبيه   الاعجاب بها  الا أنها  ستجعلهم يغيبون عن الباديه وأهلهم وأملاكهم ولكن لا بأس ان كانت فكرة ناجحه فلما لا ؟!
ولكن حسين  أعطاهم فرصه للتفكير وحين توصلوا للاتفاق على هذه الفكرة بأنها  شراكة بينهم   أكد حسين أن السريه التامة في هذه الأمور  هي سر النجاح  وبدأ حسين التخطيط   لمشروعه الجديد ,  وكلّف أحدهم  أن  يدرس السوق  ملياً وطويلاً  حتى لا يروح كل تعبهم  ايزاء حماقه تغافلوا عنها .
في هذا الوقت بالتحديد  بدأت الدراسه  لدى شاديه  النصف الثاني من السنة الأولى  , وبدت متوعكه لا تقوى على الصمود طويلاً  , شرود فكري مستمر  وما زالت رائحة العطر الرجولي تُلاحقها وتكرر ت   معها عدة مرات  وفي كل مرة  تشعر بالقشعريرة  وتلجأ الى غرفتها  الى حين   تذهب تلك الحاله  بعيداً   عنها  ,  ولكن بدت هناك فكرة لشاديه   أنها سوف تلاحظ هذا العطر وما توصلت اليه  أن ذلك  العطر   يجعلها تشعر بالاسترخاء الشديد  والخوف الشديد  وتدوم تلك  الحاله بها قرابه الخمس دقائق  ولكنها تشعربأنها أطول خمس دقائق   تمر عليها كونها تبدو أكثر هشاشه  وهي تلك القويه . 
تساءلت شاديه فيما لو بحثت أكثر عن اجابات لأئله كثيرة تدور في رأسها مثل   لماذا  هذا العطرالرجولي  يلاحقها ؟ ولماذ هو رجولي ؟ ولماذا  لا يشتمها غيرها  ؟!  ولكن اذا  هي بدأت البحث   ربما  عليها  أن تتحدث عن تلك الحاله  لأحدهم وهذا آخر ما تتمناه لأنه وببساطه شديدة لن يُصدقها أحدهم  وسيجزم أن هذا جنون حقيقي .
ولكن شاديه لا تيأس أبداً رغم ما تشعر به  من ضعف  فالخطوة الأولى حاولت فيها مواجهة تلك الحاله  ولوحدها   وعليها اخفاء  ما تمر به رغم أن أباها يلاحظها  من بعيد في هذا الوقت   بالتحديد  مرّت  عليها ثلاثة أيام دون المرور بتلك الحاله وظنّت أنها لن تأتيها أبداً.

الجمعة، 21 سبتمبر 2012

55

أخبر  حسين هذه المرة  المختار  قبل أن يطل الصباح باكراً  حتى  لا يدخل  في سوء تفاهم  مع المختار   وهكذا يثبت له انه يحافظ   على اتفاقه معه.
فرح المختار من التزام حسين بوعوده معه   ,  واتجه ليجهز   وداعاً يليق  بصديق حسين  أقصد  الغريب .
وجاء  الصباح  متمهلاً  وبدت الشمس تتكبد وسط السماء معلنة حرها القاسي   وصباح  يُطل بقوة  على الجميع  بدت فيها الباديه صورة  حقيقيه للجمال  الأخاذ  ينافس رقه  هذه  البلدان  الراقيه المتطورة   في قصورها  .

وودّع  حسين صديقه وبقلبه   غصّه تقول:"  كيف سأقضي وقتي فرحاً  وأنا  أودّع صديق تعرفت ُ عليه لتوي!"
وأخفى حسين دمعه كادت تفضح عن ضعفه  فلم يتعود كيف يودع أحدهم فلطالما   تحجج بالانشغال   حتى يهرب  من توديع  أحدهم, ولكن   الغريب  التفت  وهو يواصل  مشيه الى المدينه   غامزاً  حسين   فقال : " لا تنسى  صديقك "  بدت لغة غامضه  بينه وبين صديقه عرف  فحواها حسين بأنه يذكره بهذا الاقتراح الذي سيجعله يثب   وثبه قويه باتجاه النجاح  , ولكن المختار   غرق في فضوله   ولا يريد لأحدهم   أن يخفي عنه شيئاً   ولكنه التزم الصمت   ضامراً  ما يريد معرفته .

وعااااد  حسين الى عزلته ووحدته   يفكر ويتأمل حاله   حينها تذكر هذا الاقتراح  وفكّر ملياً وطويلاً  , فراح يشاور المختار  في هذا الشأن ودوماً  المختار لا يعجبه شيء   ,  ولكن  حسين قال له :
-  قررت وسأفعل .
نظر اليه المختار  وقال :
-  كثرت أخطاؤك حسين !
- وما هو الخطأ في ذلك؟
- ستخرج  من الباديه   وتختلط بأهل المدينه  .
وفهم  حسين  ما يقصده المختار  كونه يريد
أن يكون قريباً من شاديه   هنااك في المدينه ولكنه قال :

- اطمئن , سأدع  أفعالي تتحدث عني .
54

وبعد مرور الوقت لاحظ أن حسين   يشغل وقته في رعي الماشيه ويمتع نفسه بعزف دندناته  على شبابته  التى صنعها من عود القصب  وبالمناسبه علمه كيف  يصنع واحدة منها ولكنه لم يفلح فصنع له  احداها   وأعطاها اياه تذكاراً   من صديق له يسكن الباديه  .
- أريد أن اقترح عليك  اقتراحاً .
- تفضل .
- ما رأيك لو توسع عملك أكثر  من ذلك....  رعي الغنم جميل  ولا بأس به ولكن الدنيا في تطور .
- فهمت ما تقصد ولكن   لا أريد ...
-لا لا  دعني أوضح لك قليلاً  ...  تستطيع  أن تصبح تاجراً كبيراً   فبدلاً  من فقدان  احدى  ما شيتك   بموتها  أو بذبحها تحصل المال من ورائها  .
- وهذا بالتأكيد   يستدعي  خروجي من الباديه   من وقت لآخر .
- بالطبع  ..لاشيء يأتي بسهوله .
- ولكني لا أريد   ...  أن  أخرج من هواء الباديه .
- أليست شاديه ....  ولكنه  أوقفه سريعاً   ..
- لا تلفظ اسمها على لسانك والا قطعت  عنقك  ...وكان حسين جادّاً  وفي لحظه  ندم على أنه أباح له بقصته تلك .
غير أن الغريب  كظم ضيقه من ردة فعله تلك  وقال :
-  اذا أردت  فعلاً  أن تنال  اعجاب من تحب  دع أفعالك تتحدث عنك  .
يعلم حسين أن صديقه الغريب  لم يقصد شيئاً  ولكن يظل البدوي  في كل الأوقات ومع اختلاف  الأمكنه   لا يتخلى عن مبادئه مهما حدث وان  لاقى حتفه ,  والفكرة أن هذا الدم الحارّ يغلي ان  تحدث أحدهم عن فتاة تقربه كيف وان كانت شاديه  !!!

اعتذر حسين  من صديقه  وتفهّم   الآخر ردة فعله  وقال:
- بالمناسبه سأذهب  غداً  الى المدينه .
اغتاظ حسين  وقال  : - اذن ما زلت غاضباً مني ؟
- أبداً يا صديقي  ولكن بالفعل  أريد أن أقضي بعض الوقت هنا في اباديه والتى أحببتها كثيراً ولكن بعد غد يبدأ دوامي.
- سأشتاق اليك .
- وأنا أيضاً صديقي ,  ولكن خذ نصيحتي واقتراحي بعين الاعتبار .
-  لا تقلق , سأفكر بالأمر.

53
ومضى هذا الغريب  يعيش بين  ضواحي الباديه  استغرب مما  فيها وانصدم ببعض ما فيها  ولكنه أجزم  أن في الباديه  رحلة حقيقيه تستحق الاكتشاف   وهي نموذج لطله شرقيه  بلا منافس بلا منافس ,  واستمّرت صداقته مع حسين  وأخذا يقصا قصص  بعضهما  ولكن حسين واجه صعوبه  في أن يفضفض عما يختلج في نفسه فكم كان كتوماً ويحب أن تبقى همومه   قابعه بين ضلوعه  هكذا يبقيها بينه وبين نفسه الا أن تفهّم هذا الغريب  له شجعه على أن يروي له عن قصته مع شاديه  الأمر الذي وجد استغراباً  نحو  نفسه  كونه لم يتخيل يوماً  أن يتحدث عنها لغيره خصوصاً لو كان غريباً  ولكنه  لانه اطمئن له   ولأنه  يسكن نفس المدينه التى تسكنها  غاليته شاديه  كل هذا وذاك جعله  يروي  له وبكل بساطه  عما يجعه منطوياً ويفكر وحيداً .

وكانت احدى دعابات هذا الغريب أن قال له : - انساها  .
حينها بدا الغضب على حسين ولكنه أسرع الغريب قائلاً  : - لن تنساها فأثار هذا  فضول حسين وقال :
-  يعجبني  كم تفهمني .
- ربما لأنني مررت بنفس تلك التجربه .
- وبعد...
-  هههه  لا شيء .
- كيف ذلك ؟
- ببساطه  لم تشعر بحبي لها فأحببت  أن أعطيها درساً  "  كرامتي فوق كل شيء عزيزتي "  وانتهت  قصتي معها .
ظن حسين أن صمته  أفضل ردة فعل   لأنه يكاد أن يفتح جرحاً  لدى هذا الغريب والذي بدا حزيناً فقال:
- ما رأيك لو نلتقط صوراً  لماشيتي  ؟
- هههه  وأنت أيضاً تفهمني  ... ولكنني  أريد أن أسديك نصيحه .
-  وما هي؟
- أشغل أوقاتك   ,  فان عادت بقرار  منها هي   فهنيئاً  لك  وان  لم تراجع نفسها  فالتفت  حيثُ لا تجدها صديقي!

52

في الصباح  تفآجأ حسين بطرق شديد على الباب   , تفآجأ من يكون ؟  فاذا به امختار بنفسه  ففتح له  وأخذ المختار يصرخ ويصرخ ولكن حسين  أغمض عينيه وتراجع بضع خطوات الى الوراء يجلس على أريكه مريحه  فاغتاظ المختار  لهذا الأسلوب البارد معه ,  فقال :
- اهدأ لأعرف ما الذي يُغضبك ؟
وبدا حسين في  هذه اللحظة بالذات  وكأنه يملك حكمة يفتقر اليها المختار  ففرق  السن  غير مهم  والأهم  كيف تتدارك عقولنا  ما تحاول  أرواحنا أن  تفعل .
جلس المختار واعتدل في جلسته وقال:
-  أيوجد غريب في بيتك؟
- نعم...  وما زال ينظر اليه بعينين ثاقبتين  وكأن حسين لم ينس اخباره بقدر  ما يجده  اكرام  ضيف ضل  الطريق .
-  ألا تعي أن من واجبك  أن تخبرني كوني مختار الباديه ؟!!
- بالطبع أعرف واجباتي  وأعي تماماً  حقوقي  ولكن ...  هو أتى تائهاً  وفي الليل  وأخذنا الكلام   وكنت أنوي أن أخبرك .
ما زال  المختار غاضباً وما يستفزه أكثر هو ما يجده من برود أعصاب حسين ايزاء موقف كهذا .

ولكن حسين بدا حاذقاً كفايه  ليأخذ بخاطر المختار  وأن هذا شيء لم   يكن مقصود  ولكن المختار  خف  غضبه ولكن لم يزول  وادعى بأنه راض عن هذا  بشرط ألا يتكرر  مرة أخرى  وكان حريصاً على أنه  كان على علم بوجود هذا الغريب  قبل مبيته  هكذا اتفق بينه وبين  حسين  وأشار عليه  بأن يأتي بهذ الغريب الى بيته  وفي المساء  قام بذبح شاة ترحيباً  بهذا الغريب  وأخذ بياناته  وتعرف اليه  وسمح  له بالمبيت عنده غير أن حسين قال له :
- أريده ضيفاً  عندي  ... ضحك المختار  ضحكة لئيمه  وقال : - لا بأس بذلك.

الأربعاء، 19 سبتمبر 2012

50
وبدا هذا الغريب عنيداً ولا يأبه لجملة تلك المخاوف التى  يسردها له حسين  واحدة تلو الاخرى وهو لا يآبه  هذا الأمر بالذات أثار اعجاب  حسين فهو يحب مصادقة الشجعان .
لم يضمر  حسين هذا وقال:
-  أنت شجاع  وأنا أحب مصادقتك ولكنك غريب .
-وما العيب ؟
-  لا شيء سوى  أنك بالفعل  غريب ولا أعرف حتى اسمك .
ضحك  الاثنان معاً وبدت البشاشة أخيراً  وقال :
- اسمي أحمد
- يا هلا بيك... وأنا حسين ابن هذه البادية الكبيرة والمخيفه ههههه  , ولكن أين ستبيت ؟
- عند صاحب لي قابلته لتوي وتعرفت عليه  .
ضحك حسن وعرف أنه  يقصده  بالفعل استضافه عنده في بيته المتواضع وأخذا يتسامرا ويتحدثا طويلاً ومطولاً ولا حظ في  لهجته أنه  كأنه من المدينه فسأله :
-أأنت من المدينه ؟
- بالطبع  , نعم 
- ما اسمها ؟
- غزة .  اممممم  وهي نفس المدينه التى غادرت اليها  شاديه  لتحقق أحلامها هناك فكيف ينسى  !
لاحظ الغريب  صمته وشروده وقال:
- أتعرف أحدهم هناك؟
- لا لا  ,  ولكني زرتها  قبلاً ...

وحاول  حسين تغيير الموضوع  وقال:
- أمي أعدت عشاء الليله خصيصاً  لك.

والأمر الذي نسيه حسين  أنه لم يخبر المختار عن هذا الغريب وأنه يبيت الليله  بينهم وفي عقر دارهم  فهذا أمر غير مقبول لدى الباديه التى تحتفظ بكون المختار رأس الباديه ويجب أن يكون عنده كل شاردة ووارده  وقبل الجميع .
أتساءل كيف سينقذ نفسه المختار من هذه الورطه كونه يحاول كسب حسين لصفه  فهذه الفعلة لو كان أحد غير حسين فعلها لطُرد فوراً من الباديه .

49

وحقيقة الأمر أن هذا واجه  قلقاً كبيراً في قلب شاديه , والأمر الذي جعلها تكتشف أنها هي من تشتم تلك الرائحة القويه والرجوليه  ما هذا الغموض وما تلك الطريقه التى تغمرها فيها تلك الرائحه  وجاءت متسلله  اليها وحدة وشعرت أنها تشتاقها  يا لي من مجنونه حين أفكر بهذه الطريقه هكذا أخذت تحدث نفسها ليلاً  وأتى الصباح بغته  , وعينها فضحت أرقها وسهرها ولكنها اغتسلت وارتدت أجمل ثيابها كونها تؤمن بأن على المرء تهذيب نفسه كل صباح لاستقبال  يوم جديد  أريد فيه سعادة  وفرح .

وبالانتقال بعدسة الكاميرا من روايتي الى الطرف الآخر  الذي لا نغفل عنه بدا حسين يغرق في بحر من الغموض والحزن فلم يكن حسين مثلما نعرفه الا أنه يكابر  على  نفسه   حتى لا يحصل على شفقة أحدهم لاحظ أصدقائه  هذا الأسى الذي يعيش فيه  وأصبح يحب العزله والوحدة  ولا يرغب في الكلام مطلقاً, فمن يحبها غابت عن أنظاره قرابة الستة شهور وهو  لا يعرف كيف  يُلجم كومة اشتياقه لها  .
فاتفق أصدقائه  أن يقيموا عزيمة هذا المساء ليرافقوة ويدخلوا على قلبه بعض المرح  فمرحوا كثيراً  وجهزوا  أطباق المشويات وعلت أصواتهم  فالغريب من يظن  أن هناك حفلة تُقام  في هذه اللحظة أتى غريباً وبدا تائهاً ليس من المنطقه فأهل الباديه يعرفون بعضهم كما  تعرف الأم أولدها ولو تشابهوا جميعاً .
أسرع حسين  يسأله  من أين أنت والى أي المكان تريد أن تتواجد؟
- أردتُ اصطياد بعض الطيور أو الحيوانات النادرة .
نظر اليه  حسين باستهجان وقال:
- لا أنصحك بذلك  , قم بالتقاط الصور  أفضل لك وكانت مزحه  من حسين , ولكن هذا الغريب أخذه على محمل الجد وقال
- قبلتُ النصيحه .
استغرب حسين  وقال  : أبهذه السهوله ؟
قال - بالطبع  فكم سمعت عن اباديه ومخاطرها  وأحببت أن أكتشفها بنفسي .
ضحك حسين بطريقه تمادى بها  ولكنه  انتبه على نفسه واعتذر منه وقال:
- الباديه ليست مشهد سينمائي , ان  في أناس  لو اقتربت منهم  ربما قتلوك كونك غريباً .
48

بالفعل  خرجت شاديه مع أباها في كل مساء يتحدثان عن أمور  كثيرة  وأخذت الباديه نصيب الأسد من أحاديثهما الطويله   بتلك الأمسيات اقتربت  شاديه من أباها أكثر  وفي هذا الوقت كل ما كان  يشغل أمها  خطبتها من ابن خالتها خالد وهذا آخر ما تريد التحدث به شاديه .

وأثناء حديثها مع أبيها في احدى تلك الأمسيات الجميله جاءت تتسلل من خلفها رائحة هذا العطر الرجولي القويه   وكأنها تغمرها باشتياق شديد , حاولت  شاديه التماسك ولكنها  لم تستطع فوقعت  أرضاً  فصرخ أباها  بلطف:
- ما بك؟؟
- لا لاشيء  يبدو أني تعركلت بحجرة صغيرة .
ضحك أباها  وقال:
-  قد تكون تتودد اليكِ  .
حاوت شاديةالابتسامه لتك المزحة الطريفه من والدها الا أنها لم تستطع وقالت:
- أتشتم تلك الرائحه ؟
قال مستغرباً : - أنا لا أشتم الا نسمات باردة .
أعادت عليه  السؤال بطريقه أخرى :- أتضع عطراً قوياً ؟
- ههههه  لا أبداًَ  قاربت  الامسيه على الانتهاء وأنتِ تشتمين رائحتي لتوك.
وهي تعلم حقيقة أن أباها لا يحب العطور الى عطور الباديه وان وضعها لا يضعها الا في المناسبات لاعتقاد ساد هناك في الباديه  كون  هيبة الرجل الشرقي تكمن  في روحه وليس بمقدار ما يضع من عطور.
حاولت شاديه أن تغير الموضوع متجهة لموضوع آخر أكثر أهميه وهي علاقة والديها التى تسوء أكثر فأكثر  , فلم يبالي أباها  لأمر العطر كونه  توهم أن هذه احدى مزحاتها الطريفة والفجائيه .


47

وبدلاً من أن تسترخي شاديه  أكثر وأكثر لتفكر في حلاً جذرياً  لتنهي تلك المهزله بين والديها بدت وكأنها أنانيه لا تفكر الا بنفسها , وما زاد الطين بلّه أنها وقعت في مشكلة جديدة  أخرى , أوووه هذا ما كان ينقصك  شاديه!

ولكنها أزاحت الذعر عن نفسها قليلاً وحاولت أن تهدأ وتسرع مهرولة الى بيتها لتحضن والديها  , وشعر بها أباها  قائلاً:
- ما بالك ابنتي؟!
حاولت التماسك أكثر  وقالت: لاشيء لاشيء  وبشيء من الارتباك .
احتضن ابنته  وقال لها :
- لا عليك ابنتي   سنكمل باقي الفحوصات ونتابع مواعيد الدواء  .
ظن أباها أن هذه مشكلتها  وان علم ما يجري لها ربما  لم يجد حلاً ,فكر  لها أباها  في أن يصنعا جدولاً لنفسيهما  سوياً ومعاً كل مساء يذهبا ليمشيا قليلاً  في الهواء الطلق  قالت شاديه :
- وأمي؟
- أمك مشغوله ...
- لنسألها ربما لديها رأياً  آخر  ..
وبدا على أباها الانزعاج  وقال:
- ربما لن يروقها  عمن سنتحدث عنه.
- وعن ماذا سنتحدث؟
- الباديه مثلاً...  شعرت شاديه وأن روحها تحلّق من جديد  لسماع  اسم الباديه على مرمى أذنيها  .
وقالت :  - أتشتاق اليها ؟؟
- بالطبع ,  وبشدّه .
وقالت شاديه غير مباليه  - وأنا كذلك اشتقتُ لباديتي .
استغرب أباها من كلمتها الأخيرة تلك كونه ولأول مرة يعرف أنها تحب الباديه  فكم آلمها ما رأته هناااك.
فسألها قائلاً : أتحبينها؟!!
- بالطبع يا أبي ولم  أدرك هذا الا حينما تركتها  ولكن في تلك المدينه تسكن أحلامي.
بدا على أبيها الراحة قليلاً حين تحدث عن الباديه وما زاده سعادة أن ابنته  تشاركه نفس الاشتياق وقال في قرارة نفسه  " حمداً لله أنها لم تشبه أمها في ذلك.
46

  نتبهت شاديه  رغم تعبها الشديد الى أن كل من أباها  وأمها يحاولان تجنب بعضهما بعضا الأمر الذي ينم عن استحالة الحياة بينهما  هذا الى جانب الحديث الذي سمعته  وهي ذاهبة الى الحمام ولم يروق لها كثيراً  وكأنهما اتفقا على الانفصال  وهذا مالا تريده مطلقاً .

ولكن شادية هرعت الى غرفتها  كي لا يشعرا بوجودها خلف الباب  تسترق السمع عليهما الا أنها لا تخفي عن نفسها حقيقة أن أباها أحب أمها كثيراً  ولم يكن حب أمها  لأباها مساوياً  بل انها كثيراً ما تفكر بنفسها متناسية واجباتها تجاهه .

وجاء الصباح باكراً , أفاقت شاديه باكراً أيضاً تستعيد بعض النشاط ويبدو أنها فكرت كل الليل في حل  بعيد تماماً عن انفصال والديها  وقررت  أن تهتم بصحتها أكثر من ذلك   وتستعيد بعض نشاطها من جديد  , فخرجت  الى اشتمام  بعض الهواء النقي   تاركة خلفها  رساله كتبت فيها : لا تقلقا  والدي العزيزان  وجدتُ نفسي نشيطه وقد أفقت باكراً  ولا أريد ازعاجكما لن أتأخر عنكما كونا دوماً  معاً ولي  أحبكما.

وهكذا أخذت تتأمل  أجواء تلك المدينه اتى بدا كل من فيها منشغلاً  بين عمل ودراسه  اختفت  فيها جو العائلة الحميم  الذي يوصل  ويعوض كل غياب مع كل انشغال , متناسين  تلك الزوايا الجميله  التى تحتويها أجواء تلك المدينه وبالنظر الى أجواء الباديه تلك المدينه لا تضاهيها  جمالاً وروحاً مخمليه تعبيء الأجواء انتماء ووطنيه وطعم حب نادر  وكم تفتقد الى الباديه  رغم  متاعبها الكثيرة  فقد بدت وما زالت تحتفظ بشيء حقيقي لا يقبل التهاون والمساومه , فتلك الأجواء المفتوحه قد تنسي الفتاة خجلها لتتعدى الحدود حينها نضرب أخماس في أسداس  , غرقت شاديه بين أفكارها  وفجأة اشتمت رائحة  عطر رجولي قويه  لدرجة أفقدتها الزمان بالمكان وأغمضت عينيها  بقوة  ولم تكن كأي عطر عابر بل أنه غمرها بقوة وباشتياق شديدين .

الاثنين، 17 سبتمبر 2012

45

واذا به خالد ابن خالتها ومعه باقه  كبيرة من الورد  يُقدمها لشاديه حين فتحت الباب  باشارة من أمها متعمدة .
ترى أمها نسيت  كم عانت شاديه  من متاعب هناك في الباديه   وحين تذكرت تلك الأجواااء سقطت شاديه  مغمى عليها   , ولم تفق شاديه حتى وجدت نفسها  ملقاه على فراشها وبجانبها الطبيب  يقول لها :
-  سلامتك  .
وهي ما زالت تستوعب ما حدث  حتى أعاد عليها سؤاله :
- هل حدث معك هذا قبلاً ؟
- لا لا  , ماذا حدث لي؟

بدا على الطبيب القلق  ولكنه أخذ أباها خارجاً  ,  في حين بقيت عندها أمها  وابن خالتها وخالتها   حتى لم يتبقوا كثيراً  وغادوا  حرصاً منهم على سلامتها  .

أوصى الطبيب  أباها أن تعمل فحوصات ضروريه  وأن يحرص على ألا تتعرض للعصبيه والاجهاد  ووصف حالتها  بأنها ارهاق نفسي تحدث  أباها بعد قليل اليها  وحاول أن يفهم منها ما الذي يقلقها  ولكنها  فسرت  ذلك انه ربما لأجواء الجامعه والمحاضرات المزدحمة فيها , ولكن أباها ما زال لم يُصدق  فهو كان يلاحظ سرحانها المتكرر ويفهم ابنته على نحو  لا تستطيع أن تخبيء ما لديها من مضايقات .

ومرّت  حوالي ستة شهور ولم تتكرر تلك الحادثه معها  وقد أنهت فصلاً كاملاً من جامعتها  وبدرجات عاليه , وشهدت هدوءاً نسبياً  في هذا الوقت بالتحديد  لم تعرف ما سبب  اصرار  أمها  على خطبتها من ابن خالتها خالد  الا أنها  لاقت نقاشاًَ  عنيفاً   جعلها  مغشياً عليها  وهذا  ما سبب الشجار الشديد  بين والديها  .

ولكن أباها لم يهمل  ما الذي  يحدث معها  من انتكاسات في صحتها  أجمع الاطباء على أنها حالة نفسيه الا أن  أباها لم يطمئن أبداً  فقد تدهورت حالتها وأصبحت من غثيان لاغماء  وتفاقمت حجم المشكلات  بين  أمها وأبيها  .
44

غرقت شاديه بالتفكير في كلام أمها الأخير ولكن جاء من يبدد تفكيرها ويجعلها شاردة الفكر  وحين أفاقت على نفسها وجدت نفسها تبتسم رغم كل التشويش  الذي تغرق فيه فيم كانت سارحه لن أقووول ويكفي أن شاديه  هههه  هي من تعلم .

أخذت تلك الفتاة الشريرة   تنسج ألاعيبها الشيطانيه حول   شاديه تحاول أن تجذبها نحوها  ولكن من أراد  الخير وزرعه في نيته  وجد أصحاب الخير يوقفونه ليقولون له انتبه .

فقد قرأت اعلان بعد الساعه العاشرة سيتم تعليق في الجامعه   وندعو الجميع لحضور أمسيه   ستقوم بها   الجامعه هذا المساء  ولكن انتبهت  شاديه  الى انه لا عنوان   لهذه الأمسيه  ولكنها لم تبالي وهي على أي حال  لم تقرر بعد   وبعد لحظات  وهي تنزل السلالم  تفقدت الاعلان  ولم تجده وحين سألت عنه  قالوا   لها   انها  حمله   تأتي كل سنه  هي لم تفهم ماذا يعني  ولكنها حين استفسرت أكثر  وجدت أن ورائها تلك المتعجرفه التى لاقت عقاباً  وانذاراً وتم فصلها من الجامعه .

حمدت ربها  شاديه في هذه الأوقات برغم ذلك أشفقت عليها  كثيراً   ولكن  الحمد لله على كل شيء  قد يكون أحدنا سارح فيأتيه ما لا  يُحمد عقباه ولكن قدر الله وما شاء فعل.

في المساء  وجدت أمها  وكأنها تجهز وليمة عشاء فقال لها :
- أسيأتينا ضيوف؟
قالت  مبتسمه :  -  ليس بالضبط .
ما زال في كلام أمها  ما تشير اليه ولكن ليس بايضاح  شديد  ...
-من الآتي أمي؟
- لا تستعجلي انها خالتك وابنها خالد.
قد يبدو على شاديه أنها فهمت ولكن  بيأس شديد  كونها لا تريد أن يذهب فكرها الى ما يثير الضيق بداخلها  وحين التفتت  وجدت أباها يجلس وحيداً  وبدا عليه الحزن  فهو منذ  أن أتى من الباديه الى المدينه   وهو على هذا الحال  ويبدو أن أمها أهملت في واجباته نحوه .
توجهت بخطاها نحو أبيها  وتكلما قليلاً وكثيراً حتى دق الباب  ..ترن ترن  ترن .
43

واستطاعت شاديه الهرب  من تلك الأفعى التي كانت تسميها  صديقتها وقطعت علاقتها فيها نهائياً  , ولكنها حاولت الاتصال بها  لتعرف السبب الا أن شاديه  وجدت  أن تتهرب منها   حتى تنساها   فالحديث معها لن يكون سهلاً  وسيكون عليها من الشاق أن تقنعها  بمعتقداتها  الا أن هذه الفتاة واصلت اللحاق بشاديه حتى تصدّت لها شاديه بكل ما تحملها الغيرة على أخلاقها وشرفها  وقال لها :
- أنتِ فتاة لعوب ومستهترة  وأخلاقي لا تناسب اخلاقك .
الا أن هذه الفتاة لم تكن من النوع السهل  وتوعدّتها وقالت:
- ليس هناك من يُعاديني .

ولكن شاديه  حاولت  أن تضع لنفسها برنامجاً  خاصاً  يجعلها تتفادى الصدام مع تلك المتعجرفه  والتى لا تآبه الى عرف ولادين ومن لا يخاف الله يستطيع فعل أي شيء دون حياء دون حياء  , فواصلت شاديه   تفاديها لها   بركوب الباص باكراً  والالتزام بمحاضراتها  وما ان تنتهي حتى تغادر سريعاً  وكم كانت تتعرض   لمضايقات من الشباب  الأمر الذي جعلها تتذكر كلمة حسين  لها :
(  انها مختلطه ).
أدركت شاديه انها يجب أن تكون على قدر المسوؤيه  ايزاء من يحاولون تندنيس  شرفها وسمعتها واذا كانت المدينه بلا حدود الأخلاق تهيم على نفسها اذن فلتكن الباديه  ومعتقداتها تغذي قلبها .

ولكن مثل  هذه النقطه لم تكن لتفوت على أمها  فقالت لها:
- ما الذي يُضايقك صغيرتي؟!
قالت : -  أووه  ماما  ,  هناك فتيات  مثل الملاك  ولكن أفكارهن شيطانيه  وأخاف على نفسي  منهن.
- ولكنكِ  قويه شاديه  ولا أعرف أن ابنتي تستسلم على هذا النحو .
صمتت  شاديه وسرحت قليلاً  فقالت أمها :
- عليكِ أن تكوني مرتاحة في الأيام القليله القادمه .
نظرت شاديه الى أمها باستغراب وقالت :
-  ما السبب؟
- لا تستعجلي ابنتي  فقط كوني بخير ,, وقبّلتها وغادرت  مغلقه الباب  خلفها .

السبت، 15 سبتمبر 2012


42

وقد رأت  البنات شبه عاريات  ومن احتشمت قليلاً  كان  كمن رشّت على نفسها بنطالاً  وبلوزة ضيقه  هذا ناهيك عن شرب الأرجيله  والسجائر  , وعلى حسب  علم شاديه أن  ذلك كله  فعل الرجال  وهوغير  محمود  لهم  فما بالك بالفتيات!!!

كل ذلك  جعل شاديه تشعر بالاختناق والاشمئزاز من نفسها وزااد من صعوبة الموقف  أنها رافقتها  واتخذّت منها صديقه كيف هذا  وهي تغرق في هذا المنكر  وسوء الاخلاق لديها  وألهذا الغبااااء   وصل بشاديه  أن لا تلاحظ أنها ليست تلك الصديقه المناسبه ,  ولكنها  تداركت نفسها في آخر  اللحظات  وتذكّرت  أن فتاة كتلك  كانت لن تسمح لها   بالخروج  اذا هي طلبت ذلك  ولكنها   قالت:
-  اسمحي لي  أن أتجول في المكان  قليلاً .
قالت :  - طبعاً ولكن لا تتأخري .

هنا كانت فرصه سانحه لشاديه  للهروب بالنفس بعيداً عن تلك الغابه التى لن ترديها سوى   ضحيه   غباء واستهتار  وقلة تفكير  وبالفعل  هربت  واستندت الى جذع شجرة  تلتقط أنفاسها  وحدث معها  شيء غريب  لم تعرف لما في تلك اللحظه  تذكرت ابن عمها حسين " ترى أتذكرت الأمان بجانبه  "  ولكنها سريعاً  ما رمشت  حتى  تزيح تلك الفكرة عن بالها  وخيالها  الذي تعدّه  مريضاً  بالنظر الى تلك الفكرة المجنونه  .

حتى نهضت من مكانها مسرعه  تلوذ بالفرار الى احضان غرفتها  تغرف  منه الأمان والحنان "كيف وضعتُ نفسي في هذا الموقف المخزي  الذي لو علم به والديّ  لأرداني قتيله !".
41

هكذا غادرت شاديه الى حيث أحلامها وطموحها تسكن وهي سعيدة   ولكنها لا تنكر أنها تفتقد الى أجواء الباديه العنيدة فرغم تلك الأجواء الحارّة  فيها الا  أنها لا تخلو من جميل الأشياء  تلك حقيقه لا تقبل الشك فيها .
دخلت  الجامعه وتعرفت على أرجائها وبدت أجواء المحاضرات فيها تجلب مزيداً من نكهات الحياة المتنوعه   وتعرّفت على أجناس مختلفة وصديقات ودودات ولكن ما يُلفت النظر حقيقه  أن الفتاة يجب أن تكون بكامل أناقتها لا أعني   هنا  المظهر الخارجي فقط وانما  أعني تلك الأناقة الفكريه    التي يفتقر اليها  الكثيرون  .

في هذا المساء وفي أحضان جدّيها  أخذت تذاكر دروسها  وتنهم منها ما  أحبّت  ولكنها ملّت قليلاً   , فاتصلت باحدى صديقاتها  حتى تأتي اليها يقضين الوقت معاً   غير أن صديقتها كانت لها رأياً  آخر  فقالت:

- ما رأيك لو نذهب لاحدى المقاهي  ؟
استغربت  شاديه  هذا الاقتراح  فقالت: - أتمزحين ؟!
قالت لها  : هههه  لا لا أبداً  أنا جادّة .
وأقفلت الخط معها سريعاً  وما هي الا ّ لحظات  حتى   أتت  اليها تصطحبها ,  وهذا استغراب آخر من شاديه تجاهها  من تلك الفتاة  صحيح انها صديقتي  ولكن ليس من حقها  أن تبدي  رأيها  في ملابسي هكذا !

تضايقت شاديه منها  ولكنها قررت أن تستمتع بوقتها   فدخلن الى المقهى فرأت  ما لم تريد أن تراه قبلاً  واستغربت أكثر وأصبح لديها  دافع قوي  لقطع علاقتها بها .

الخميس، 13 سبتمبر 2012

40

بقي حسين يُصارع لوعة الوجع  ممزوجاً بالفراق الأليم وتأكّد بأن شاديه لا تُبادله شعوره وأن ما أحسته تجاهه قد  يكون لمجرد أنه حاول مساعدتها في تحقيق  حلمه  ولكن المختار في تلك اللحظات  وقف بجانبه  وقال:
- لن أدعهم  يطأون  الباديه  مرة أخرى .
نظر حسين الى المختار بازدراء شديد  فهذا آخر  ما يريد سماعه  وقال:
- لا تجبر أحدهم على شيء لمجرد أنك تريده .
كان أمر مباشر من حسين هذا الرجل الشرقي  محتفظاً بمبادئه دون اغفال  حق المشاعر  كوننا بشر من حقنا العيش بكرامه ومع من نحب  .
هناك مثل عربي يقول "  اترك الخبز لخبازه "  أي رجاء لا تتدخل  فيما لا يعنيك .
وترك حسين المختار  هارباً  من كل البشر فما يحبها  تركته تختار أحلامها بعيداً  عنه دون اعتبارات  لبحور وجنون هواااه لها  ولكنه  لا ينكر أنه  يريد مقابلة هذا  الحب بحب يوازيه  أو أكبر  كثيراً وبدا هذا مستحيلاً  أن يتحقق.

واشتمت  شاديه أجواء المدينه  وبدت أجمل  رونقاً  وجمالاً  في جمالها الخارجي ولم تنكر  جقيقه أن روح الباديه  تزيدها  جمالاً  أكثر ولكنها  رجت الوقت  أن  يمهلها القليل  وقالت للتفكير دعك عني  هدفي أمامي  وسأثبت للجميع  أنني على حق  ولن أندم مطلقاً.
39

وأخذ يفكر أباها كيف يتخلص من محنته تلك كون الباديه لا تدري  حجم المعاناة  التي يعانيها  فليس سهلاً  أن تكون ابنته  هي حديث  الباديه لذا  فكر في حيلة  مرضيه للجميع  فاخذ موعد مع المختار  ليتحدث اليه على انفراد ,ولا يُبكي الوجع الا من به وجع  فأفهم المختار على أن زوجته اشتاقت لأهلها  وتريد رؤيتهم  وهو وابنته شاديه سيذهبان  معها لقضاء بعض  الوقت هناك , هز المختار رأٍه بمكر وقال:
-  كم من الوقت  ومتي ستعود؟
- لا أعرف  , ولكنني ربما  أستغرق طويلاً .
ففهم المختار أن هذا أسلوب مؤدب للرحيل
- ولكن أرضك  ودوابك من سيهتم بهم؟
- سأتركه بمعية أخي  حين أعود.
هّز المختار رأسه للمرة الثانيه  وكأنه يفهم أنه  ينوي الرحيل وبلا عودة  وأضاف قائلاً :
-  ان تأخرت  لوقت طويل  عليك  أن تدفع ضريبه لذلك.
لم يكن أبا شاديه  بهذا المزاج ليدخل في نقاش طويل فجل  ما يريده في هذه اللحظات  أن  يغادر الباديه وبهدوووء  شديد.

وبعد مرور  حوالي اسبوعين  ,,,
غادرت شاديه وأمها وأباها  الباديه متجهين الى المدينه  وكانت شاديه تحمل بقلبها  وجع لا تدري  كيف تُداريه غير  أنها  وجدت  أن طموحها وأحلامها  تستطيع تحقيقهم في المدينه والباديه أكبر عقبه لها  ولا تنكر دور حسين في مساعدتها وتأكدت أنها  لا تريد الزواج في  الوقت الحالي ولا ندري بأي البقاع يقبع حسين هذا الذي ضحي رغم ما يختلجه من اعصارات  حبه لشاديه وهي التي لا يهمها سوى أحلامها  بعيداً   عن  قسوة الحياة  التي تريدها امرأة في سن باكر.

الأحد، 9 سبتمبر 2012

38

انتهى حديث المختار مع أبا شاديه بقرار  الرجوع عن دخول الجامعه وأن اابتداء من اليوم تكون شاديه مثلها مثل أي فتاة بدويه  لا تدخل الجامعه  وتكتفي بالمكوث في البيت منتظرة أن تصبح ربة بيت وأشار عليه وأكد أن يكون هذا القرار قراره حتى يكون المختار أمام حسين أوفى بوعده .
يا لدهائك أيها المختار ماذا تحاول أن تقنعني ولا أقتنع!
بالفعل أبلغ  أباها ابنته  شاديه ولكن  تصدت له  زوجته قائله :
- ستكمل شادية تعليمها  بذهابنا الى المدينه  ما رأيك  أنا ذاهبه ,,,  وكانت  هي لا تطلب منه ذلك بل انها ذاهبه بالفعل هي وابنتها ولكن تعارض هذا مع شعور شاديه كونها تحب البادية رغم صرامتها  وعدم  مبالاتها للأحلام  فهي تخاطب العقل ولن يكون الا بلغتها هي لغة قاسية  لا تقبل المرونه ولا خيارات  متاحه.

غير أن شادية  ولد لديها شعورها تجاه حسين الذي غامر بنفسه متحدياً  المختار بكل جبروته   فهي لن تكون حزينه على تركها الجامعه بقدر ما هي ستترك الباديه وان صح الأمر ستبتعد عن حسين وبقي أباها طوال الليل يفكر كثيراً  حتى انتهى به تفكيره الى أن ابنته من حقها أن تكمل دراستها  حين سمع صوتها تنتحب وجعاً  .
طرق الباب عليها ففتحت فدار حوار بينهما  وقالت:
- كما تريد أبي أنا لا أحب ترك الباديه  سأضل هنا معك  .
ولكن أباها هز رأسه غير مقتنع وضمها الى أحضانه قائلاً :
- سنذهب ثلاثتنا الى المدينه ابنتي فلا تقلقي .
همّت بالرفض ولكنه  استعجلها وقال : - تصبحي على خير.

ظن أباها أنها  تنتحر وجعاً  لتركها الجامعه  ولم يخطر بباله أنها أرادت أن تكون بجانب من ضحي وغامر لأجل سعادتها .
37

بدت خطوة من الخطوات الجريئه التى يخطوها  حسين  هذا الرجل الشرقي الذي لا يهمه سوى اسعاد محبوبته شاديه بالنظر الى ما فعله حين اكتشفت شاديه أن  هذه الخطوة تمت  دون معرفة الجميع حتى والديها  وهي كالمسكينه أخذت تدافع عن نفسها أمام أبيها وأبيها لا يُصدق حتى غضب منها ولكن حسين تيقّظ لهذا الموقف ودرسه جيداً  وذهب بنفسه الى عمه  ( أبو شاديه )  وقال:
- سامحني  فلم أقصد سوى أنني أردت اسعادها ولفت نظره الى أن شادية لم تكن على علم بما يحدث أبداً ,  اضافة الى أنه رأى هذا البريق  الذي أصدره صوت من داخلها يقول  يا لسعادتي .
لم يدخل أباها  في حوار مطول معه  غير أنه قال:
- احذر في المرات المقبله  فالدنيا لا تُؤخذ هكذا خصوصاً في الباديه .
ويبدو أن تلك مؤامرة في نظر المختار  قادتها ثلاثه  حسين وشاديه وأباها  ولكن هل يفهم المختار حقيقة الأمر !!

اجتمع المختار بحسين مساء هذا اليوم وأضاف حسين أنه لن يقبل بالشرط الثاني كونه اجبار وقتل لمشاعر يحب ولادتها بحريه دون اجبارها على الولادة ويبدو أن المختار يفهم ولكنه يدعي عدم الفهم فجنون العظمه لديه تجعله يخسر الجميع ليكون هو على رأسهم جميعاً وتكون كلمته هي النافذة .

حققت  شاديه حلمها وحسين ما قام بذلك ويبدو أن السعادة اليها تجد صعوبات في الطرق ولكن...

وبعد مرور 3 شهور على دراسة شاديه في الجامعه ورغماً عن الجميع   ورغم  تبريرات المختار التي بدت فاشله في الاقناع كونه يحترم قرار حسين هذا المفاجيء ووصفه بأنه يتودد اليها وحقيقة الأمر  أنه لا يريد أن يتمرد عليه  ويخسره  ولكن على من يضحك المختار  بالتأكيد على نفسه .

وبدأت فتيات الباديه يطالبن بكل جرأة أن يدخلن الجامعه مثل شاديه بل ويشترطن أن من يتقدم لخطبتهن عليه بقبول الشرط أولاً  وهذا ما كان  يخافه المختار وها هو يحدث , انفجر المختار غيظاً ما الذي ألّم  بباديته  فاستدعى أبا شاديه وفهمه أن كل السبب من ابنته كونه لا يقوى على معارضة حسين فسيلجأ للالتواء حتى يكون الحق معه بالنهايه .
36

- ابن عمي!!  لأول مرّة أسمعها منكِ.
يا لها من فرحه غامرة وبدا عليها الحياء باحمرار الخدود  وهمست :
- تعود على ذلك.
سارع يقول:  -  بل أطمع في أجمل من ذلك.
صمتت  وزاد احمرار وجنتيها ...
قاطع  الصمت وقال :
- جهزي نفسك غداً  سنذهب الى الجامعه .
تفآجأت شاديه وقالت:
-أتعني ما تقول؟!
اقترب منها  وقال: - نعم  واطمئني...
- ولكن ...
قاطعها وقال:
- دعينا  نذهب  فالوقت متأخر...
وفي الطريق بقي صامتاُ وبقيت هي بجانبه  تمشي وهي غارقه في بحر من الحيرة كيف وهي لم توافق على  الشرط الثاني  وهل  هذه مؤامرة أم أنه يحمل  هذا كله على مسؤوليته الشخصيه !
وطوال الطريق اخذت تفكر به كيف يفكر كيف ينظر اليها كيف يهديء من روعها وهو يلاحظ ذلك ولكن يبقى صامتاً . حسين هو هذا الرجل الشرقي الذي لا يقبل أن يتزوج بفتاة رغماً عنها ,,  وشادية اذا وافقت فموافقتها جاءت اضراراً الأمر الذي لا يقبله حسين  ولو كان كل حياته  بجانبها .
...
في صباح اليوم التالي  ,,  ذهبا معاً الى الجامعه  وأخذ ينظر الى الجامعه بنظرة كليه شامله وقال:
- مختلطه .
نظرت اليه وعلمت ما يقصد  ..ولكنها  لم تحب ان تدخل معه في حوار يجعلها تكره يومها هذا .
وكانت هذه نقطة الخلاف  فتعرض بنات الباديه للاختلاط  في هذا الجو المفتوح يبدو في قمة الخطر  فتربية البادية بدت غير باقي التربيات في المظهر العام والأجواء التى تخاطب العقل متناسية الروح ماذا تريد .
وبعد  الانتهاء من اجراءات التسجيل  استقلا  سيارة متوجهين الى الباديه  وحين قاربا على الوصول قال لها :
- أصبحتِ الآن طالبه من طالبات الجامعه.
وهي تستغرب كيف يحقق لها حلمها  رغمـ اعتراضه بذلك تلك البساطه والسهوله واكتفت بقولها :
- شكراً لك.

الجمعة، 7 سبتمبر 2012

35

مازالت مغتاظه منه رغم ذك اكتشفت ان لديه شخصيه رائعه وعميقة الروح الأمر الذي جعلها تنهزم أمامه في كل مرة وهي تراوغ  حتى استسلمت لحقيقة أنه على حق قد تكون ما جعلها تفكر بالأمر  مدى شغفها وولعها بتحقيق حلمها حتى تلك الاشارة التى ولدت لديها قد يكون وهماً ولكن لاشيء أكيد.
لجأت الى غرفتها , وتعمدت الا تصتدم بأمها لتدخل  في نقاش حاد آخر فيكفيها ما رأته اليوم وعلى الرغم من قسوة  النقاش بينها وبين حسين الا أنها بطريقه أو بأخرى أعجبته  لم تكن تراه هكذا وم تجد نفسها الاّ أنها أمام أستاذ كبير شعرت نفسها كالطفله أمامه ويقتلها أن تجد  من أنجح منها.
وأثناء وهي تفكر غفت غفوة طويله دون أن تشعر فلابد أن مشاعرها اليوم لاقت مجهوداً  عصبياً أمام هذا العنيد  المحترف  في رسم الكلمات  وكم بدا أنه يفهمها في حين هي جهلت كيف تراوغه ليكشفها في كل مرّة .
تفهّم الأمر حسين وبدا حكيماً  فاقترب منها قليلً وقال:
- أتريدين الزواج بي حقاً؟
نظرت الى السماء وكانت تتنفس بصعوبه :
- نعم.
- قوليها وأنتِ تنظرين الى عينيّ .
نظرت الى عينيه وبدا عليها الحياء واحمّرت وجنتيها في الوقت هذا  وجدت نفسها تصرخ ألماً  فأفاقت على نفسها وهي تسقط من سريرها  ,  ولكنها ما لبثت الى أن ضحكت وقالت:
- لم يكفيه أن يهزمني  هذا المساء حتى اختلس ودخل الى حُلمي ليهزمني مرة أخرى.

ضحكت ولكنها فكرت أن تجد حلاً جذرياً  لهذا الأمر الذي طااال حتى أنهكها ,خرجت بعد ذلك  لتتنفس هواء نقياً وتستعيد نشاطها وهنااك من همس:
- يالي حظي الجميل !
وهي صرخت :
- من؟؟  ابن عمي....

الاثنين، 3 سبتمبر 2012

34

صمتت حائرة كيف يسير الأمر على طريقه لم تخطط لها الأمر الذي استفزها فنهضت لا تريد مواصلة الحديث أكثر معه والذي لم يبدو حديثاً كما بدا أنه حرباً من الكلام الذي يعلن في كل مرة أنه على حق وهي تعلم ولكنها تتجاهل ذلك .
وكأنه بدا هذه المرّ قاسياً بالمقارنه مع تلك المرة الفائته ,,,  وقابل نهوضها المفاجيء تجاهل منه ثم همس:
- شاديه, كيف ستتزوجين بي ان كنتِ لا تحبينني؟!!
وأشار عليها أن تجلس دون الحاح وواصل كلامه:
- غير أنها بقيت واقفه وقالت :" أنا لم أقل أنني لا أحبك .
- وأنا لستُ غبياً .
 لا بالفعل انها حرباً كلاميه الى أين ستنتهي  لا أحد يدري.
- ولكنك تظلمني وهي تنظر اليه بعين تستعطفه بأن يقتنع ولكنه لا يبدو سهلاً أبداً .
- ولكنكِ لم تجيبي وبدا وكأنه مستمتع كثيراً بهذا الحديث رغمـ حرارته وضيقها وهي مغتاظه  ولو تسنّت لها الفرصه لصفعه لما تأخرت عن ذلك.
بدا الحديث يصل لطريق مسدود حتى صرخت به :
- ويحك!!!  ,,,,, دعه يأتي بعد الزواج.

- لا لا ,,, وهو يواصل برود أعصابه ,, حتى تقولي أني تزوجتك لأنني كنت شرطاً في دخولك الجامعه .
نظرت اليه وتبين عليها الارتباك ,,, وااااو تلك ضربه أخرى لن تتحمّل المزيد بعد ذلك, وهو ما زال يواصل استفزازه لها الأمر الذي جعلها تغتاظ كثيراً فتنفست بعمق وقالت:
- أتعلم ...  ربما لدي اعجاب بشخصك ولكنه لم يصل الى درجة الحب بعد.
أها ... تلك اشارة لك يا حسين وكأنها تقول لك أمهلني بعض الوقت لأحبك ولكن لا تستعجلني .
ولكنه بالفعل يريد شيء حقيقي ولا يريد تلك الأشياء التي تولد تحت الضغط والتي نهايتها غير مقبوله .
- دعيني أوصلك الى البيت ,,, يغير الموضوع وكأنه يدير بدفة الكلام بعيدا ويجلب بعض  الهدنه للنقاش فيما بعد .
في الطريق واصلا الكلام دون عصبيه وبدا رقيقاً  جذّابا في أسلوبه  وطريقة مشيته ونظراته التي يخطفها تلك تجعلها تخجل في كل مرّة منه وحين وصلت الى البيت  أكّد على أنه سيفي بوعده لها دون أن تضطر لتوافق على شيء هي مجبورة عليه .
ههههه  يا لك من لئيم ,,, يوصل أسلوبه  ولا يلجأ للالتواء أبداً.